أحد مدخل الصّوم الكبير، في التقليد المارونيّ الحاليّ، يذكّرنا بآية عرس قانا الجليل، حيث حوّل يسوع الماء خمرًا، وهي أولى آياته، صنعها فأظهر مجده، وآمن به تلاميذه؛ ثمّ يُطلّ بنا على آية موت يسوع وقيامته على جلجلة أورشليم، وهي عظمى آياته كلّها وآخرها، حيث حوّل الموت حياة! وبنى بالدم والماء من جنبه عروسه الجديدة أي الكنيسة، في سرَّي العماد والإفخرستيّا.
سفر أشعيا 55 : 1 ، 6 - 13
تَعَالَوا أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا هَلُمُّوا الْمِيَاهِ، وَهَلُمُّوا أيُّها المُعْدَمُونَ من الفِضَّة، ٱبْتَاعُوا وَكُلُوا، ٱبْتَاعُوا خَمْرًا وَلَبَنًا مَجَّانًا من غَيْرِ فِضَّة.
أُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ مَوجَودًا، أدْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، والأثيمَ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَليَرْجَع إِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ. لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ مُمَاثِلَة لأَفْكَارِكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ مِثْلَ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ. فَكَمَا ٱرتَفَعَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، كَذَلك ٱرتَفَعَت طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ، وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ. وكَمَا تَهْطِلُ الأمْطَارُ وَيَنْهَمِرُ الثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ، وَلاَ تَرْجِع إِلَى هُنَاكَ، بَلْ تَرْوِي الحُقُولَ والأَشجارَ وَتجْعَل البُذورَ تُنْبِتُ وَتنمو وتُثمِر زَرْعًا لِلفَّلاحِ وَخُبْزًا لِلْجِيَاع. هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَصْدُرُ عنّي مثمرة دائمًا، وَتُحَقِّقُ مَا أرْغَبُ فِيهِ وَتُفْلِحُ بِمَا أَعْهَدُ بِهِ إلَيْهُا. لأَنَّكُمْ ستَتْرُكُون بَابِلَ بِفَرَحٍ وَسَلاَمٍ فَتَتَرَنَّمُ الْجِبَالُ وَالتِلالُ أَمَامَكُمْ بَهْجَةً وتُصَفِّقُ أشَجَارَ الْحَقْلِ بِأَيدِيها غبطةً، وحَيْثُ كانَ الشَّوْكُ والْقُرَّاَصُ، تنمو أشجارَ السَّرْوِ وَالآسِ: فَيَكُونُ ذَلِك تخليدًا لِٱسمِ الرَّبِّ وَعَلاَمَةً أَبَدِيَّةً لاَ تُمحى.
تَعَالَوا أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا هَلُمُّوا الْمِيَاهِ، وَهَلُمُّوا أيُّها المُعْدَمُونَ من الفِضَّة، ٱبْتَاعُوا وَكُلُوا، ٱبْتَاعُوا خَمْرًا وَلَبَنًا مَجَّانًا من غَيْرِ فِضَّة.
أُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ مَوجَودًا، أدْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ. لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، والأثيمَ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَليَرْجَع إِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ. لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ مُمَاثِلَة لأَفْكَارِكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ مِثْلَ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ. فَكَمَا ٱرتَفَعَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، كَذَلك ٱرتَفَعَت طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ، وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ. وكَمَا تَهْطِلُ الأمْطَارُ وَيَنْهَمِرُ الثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ، وَلاَ تَرْجِع إِلَى هُنَاكَ، بَلْ تَرْوِي الحُقُولَ والأَشجارَ وَتجْعَل البُذورَ تُنْبِتُ وَتنمو وتُثمِر زَرْعًا لِلفَّلاحِ وَخُبْزًا لِلْجِيَاع. هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَصْدُرُ عنّي مثمرة دائمًا، وَتُحَقِّقُ مَا أرْغَبُ فِيهِ وَتُفْلِحُ بِمَا أَعْهَدُ بِهِ إلَيْهُا. لأَنَّكُمْ ستَتْرُكُون بَابِلَ بِفَرَحٍ وَسَلاَمٍ فَتَتَرَنَّمُ الْجِبَالُ وَالتِلالُ أَمَامَكُمْ بَهْجَةً وتُصَفِّقُ أشَجَارَ الْحَقْلِ بِأَيدِيها غبطةً، وحَيْثُ كانَ الشَّوْكُ والْقُرَّاَصُ، تنمو أشجارَ السَّرْوِ وَالآسِ: فَيَكُونُ ذَلِك تخليدًا لِٱسمِ الرَّبِّ وَعَلاَمَةً أَبَدِيَّةً لاَ تُمحى.
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 14 : 14 - 23
تركّز الرسالة على موضوع التعايش الأخويّ بين المسيحيّين، في مفهومهم المختلف للطاهر والنجس، بالنسبة إلى أكل اللحم وشرب الخمر. فالأقوياء بينهم أي المتحرّرون، مبدأهم أن يأكلوا من كلّ شيء، بحرّيّة الضمير؛ أمّا الضعفاء، أي المحافظون، فمبدأهم الامتناع عن أكل اللحم وشرب الخمر، والاكتفاء بأكل البقول. جاء حلّ الرسول أن يقبل المؤمنون بعضهم بعضًا، فيتصرّف كلٌّ وفق ضميره، باحترام متبادل ومحبّة، وبدون أن يفرض أحد رأيه على آخر أو يجادله. ففي رأي الرسول أن الانتماء إلى المسيح الربّ الواحد للجميع، والاتّحاد به، أهمّ من تعدّد الآراء العمليّة الأدبيّة. بهذا يُثبت الرسول مبدأ الحرّيّة المسيحيّة. ولكن قد يسيء المتحرّرون استعمالها بتصرّف أنانيّ غير مسؤول لا يراعي المحبة الأخويّة، وبناء الجماعة المسيحيّة، جسد الربّ السرّيّ: فالمحبّة الأخويّة تفرض أن يتخلّى المؤمن أحيانًا عن رأيه، تحاشيًا للمعثرة، وحفاظًا على أخيه. والتطبيق على زمن الصوم واضح ومباشر.
يا إخوَتِي، إِنِّي عَالِمٌ ووَاثِقٌ، في الرَّبِّ يَسُوع، أَنْ لا شَيءَ نَجِسٌ في ذَاتِهِ، إِلاَّ لِمَنْ يَحْسَبُهُ نَجِسًا، فَلَهُ يَكُونُ نَجِسًا. فإِنْ كُنْتَ مِنْ أَجْلِ الطَّعَامِ تُحْزِنُ أَخَاك، فَلا تَكُونُ سَالِكًا في المَحَبَّة. فَلا تُهْلِكْ بِطَعَامِكَ ذَاكَ الَّذي مَاتَ المَسِيحُ مِنْ أَجْلِهِ! إِذًا فَلا تَسْمَحُوا بَأَنْ يَصِيرَ الخَيْرُ فيكُم سَبَبًا للتَّجْدِيف. فَلَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْبًا، بَلْ بِرٌّ وَسَلامٌ وفَرَحٌ في الرُّوحِ القُدُس. فَمَنْ يَخْدُمُ المَسِيحَ هكَذَا فهوَ مَرْضِيٌّ لَدَى الله، ومَقْبُولٌ لَدَى النَّاس. فَلْنَسْعَ إِذًا إِلَى مَا هوَ لِلسَّلام، ومَا هُوَ لِبُنْيَانِ بَعْضِنَا بَعْضًا. فَلا تَنْقُضْ عَمَلَ اللهِ مِنْ أَجْلِ الطَّعَام؛ لأَنَّ كُلَّ شَيءٍ طَاهِر، ولكِنَّهُ يَنْقَلِبُ شَرًّا عَلى الإِنْسَانِ الَّذي يَأْكُلُ وَيَكُونُ سَبَبَ عَثْرَةٍ لأَخِيه. فَخَيْرٌ لَكَ أَنْ لا تَأْكُلَ لَحْمًا، ولا تَشْرَبَ خَمْرًا، ولا تَتَنَاوَلَ شَيئًا يَكُونُ سَبَبَ عَثْرَةٍ لأَخِيك. وٱحْتَفِظْ بِرأْيِكَ لِنَفْسِكَ أَمَامَ الله. وطُوبَى لِمَنْ لا يَدِينُ نَفْسَهُ في مَا يُقَرِّرُهُ! أَمَّا المُرْتَابُ في قَرَارِهِ، فَإِنْ أَكَلَ يُدَان، لأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ صَادِرٍ عَنْ يَقِينٍ وإِيْمَان. وكُلُّ عَمَلٍ لا يَصْدُرُ عَنْ يَقِينٍ وإِيْمَانٍ فَهُوَ خَطِيئَة.
تركّز الرسالة على موضوع التعايش الأخويّ بين المسيحيّين، في مفهومهم المختلف للطاهر والنجس، بالنسبة إلى أكل اللحم وشرب الخمر. فالأقوياء بينهم أي المتحرّرون، مبدأهم أن يأكلوا من كلّ شيء، بحرّيّة الضمير؛ أمّا الضعفاء، أي المحافظون، فمبدأهم الامتناع عن أكل اللحم وشرب الخمر، والاكتفاء بأكل البقول. جاء حلّ الرسول أن يقبل المؤمنون بعضهم بعضًا، فيتصرّف كلٌّ وفق ضميره، باحترام متبادل ومحبّة، وبدون أن يفرض أحد رأيه على آخر أو يجادله. ففي رأي الرسول أن الانتماء إلى المسيح الربّ الواحد للجميع، والاتّحاد به، أهمّ من تعدّد الآراء العمليّة الأدبيّة. بهذا يُثبت الرسول مبدأ الحرّيّة المسيحيّة. ولكن قد يسيء المتحرّرون استعمالها بتصرّف أنانيّ غير مسؤول لا يراعي المحبة الأخويّة، وبناء الجماعة المسيحيّة، جسد الربّ السرّيّ: فالمحبّة الأخويّة تفرض أن يتخلّى المؤمن أحيانًا عن رأيه، تحاشيًا للمعثرة، وحفاظًا على أخيه. والتطبيق على زمن الصوم واضح ومباشر.
يا إخوَتِي، إِنِّي عَالِمٌ ووَاثِقٌ، في الرَّبِّ يَسُوع، أَنْ لا شَيءَ نَجِسٌ في ذَاتِهِ، إِلاَّ لِمَنْ يَحْسَبُهُ نَجِسًا، فَلَهُ يَكُونُ نَجِسًا. فإِنْ كُنْتَ مِنْ أَجْلِ الطَّعَامِ تُحْزِنُ أَخَاك، فَلا تَكُونُ سَالِكًا في المَحَبَّة. فَلا تُهْلِكْ بِطَعَامِكَ ذَاكَ الَّذي مَاتَ المَسِيحُ مِنْ أَجْلِهِ! إِذًا فَلا تَسْمَحُوا بَأَنْ يَصِيرَ الخَيْرُ فيكُم سَبَبًا للتَّجْدِيف. فَلَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْبًا، بَلْ بِرٌّ وَسَلامٌ وفَرَحٌ في الرُّوحِ القُدُس. فَمَنْ يَخْدُمُ المَسِيحَ هكَذَا فهوَ مَرْضِيٌّ لَدَى الله، ومَقْبُولٌ لَدَى النَّاس. فَلْنَسْعَ إِذًا إِلَى مَا هوَ لِلسَّلام، ومَا هُوَ لِبُنْيَانِ بَعْضِنَا بَعْضًا. فَلا تَنْقُضْ عَمَلَ اللهِ مِنْ أَجْلِ الطَّعَام؛ لأَنَّ كُلَّ شَيءٍ طَاهِر، ولكِنَّهُ يَنْقَلِبُ شَرًّا عَلى الإِنْسَانِ الَّذي يَأْكُلُ وَيَكُونُ سَبَبَ عَثْرَةٍ لأَخِيه. فَخَيْرٌ لَكَ أَنْ لا تَأْكُلَ لَحْمًا، ولا تَشْرَبَ خَمْرًا، ولا تَتَنَاوَلَ شَيئًا يَكُونُ سَبَبَ عَثْرَةٍ لأَخِيك. وٱحْتَفِظْ بِرأْيِكَ لِنَفْسِكَ أَمَامَ الله. وطُوبَى لِمَنْ لا يَدِينُ نَفْسَهُ في مَا يُقَرِّرُهُ! أَمَّا المُرْتَابُ في قَرَارِهِ، فَإِنْ أَكَلَ يُدَان، لأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ صَادِرٍ عَنْ يَقِينٍ وإِيْمَان. وكُلُّ عَمَلٍ لا يَصْدُرُ عَنْ يَقِينٍ وإِيْمَانٍ فَهُوَ خَطِيئَة.
إنجيل القدّيس يوحنّا 2 : 1 - 11
يسوع، في آية عرس قانا، أظهر مجده لتلاميذه، فآمنوا به مسيحًا، يدفق عن يده الخير والفرح، ويحلّ محلّ الأعياد اليهوديّة والمنّ وماء التطهير عند اليهود، وهذا دليل على جوهر هويّته الإلهيّة. بحضوره تفقد الشريعة القديمة معناها، لتكتسب به معنى جديدًا. ومريم أم يسوع هي أبدًا في رفقة ابنها وتلاميذه والكنيسة، وهي حوّاء المرأة الجديدة، أمّ جميع المؤمنين. والخمرة الجيّدة رمز إلى الفرح العظيم المسيحانيّ، وإلى تعليم يسوع الجديد، وإلى كأس دمه الإفخرستيّ. والتعبير «اليوم الثالث» في الكنيسة الأولى تعبير خاص بقيامة الربّ يسوع من بين الأموات: وهكذا يكون عرس قانا الجليل، في أحد مدخل الصوم، بدء مسيرة صيام وتوبة وفرح، تقودنا إلى أسبوع الآلام ومجد القيامة.
في اليَوْمِ الثَّالِث، كَانَ عُرْسٌ في قَانَا الجَلِيل، وكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاك. ودُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وتَلامِيذُهُ إِلى العُرْس. ونَفَدَ الخَمْر، فَقَالَتْ لِيَسُوعَ أُمُّهُ: «لَيْسَ لَدَيْهِم خَمْر». فَقَالَ لَهَا يَسُوع: «مَا لِي ولَكِ، يَا ٱمْرَأَة؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْد!». فقَالَتْ أُمُّهُ لِلْخَدَم: «مَهْمَا يَقُلْ لَكُم فَٱفْعَلُوه!». وكَانَ هُنَاكَ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حَجَر، مُعَدَّةٌ لِتَطْهيِر اليَهُود، يَسَعُ كُلٌّ مِنْهَا مِنْ ثَمَانِينَ إِلى مِئَةٍ وعِشْرينَ لِيترًا، فقَالَ يَسُوعُ لِلْخَدَم: «إِملأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلى فَوْق. قَالَ لَهُم: «إِسْتَقُوا الآنَ، وقَدِّمُوا لِرَئِيسِ الوَلِيمَة». فَقَدَّمُوا. وذَاقَ الرَّئِيسُ المَاءَ، الَّذي صَارَ خَمْرًا - وكانَ لا يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ، والخَدَمُ الَّذينَ ٱسْتَقَوا يَعْلَمُون - فَدَعَا إِلَيْهِ العَرِيسَ وقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ يُقَدِّمُ الخَمْرَ الجَيِّدَ أَوَّلاً، حَتَّى إِذَا سَكِرَ المَدعُوُّون، قَدَّمَ الأَقَلَّ جُودَة، أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الخَمْرَ الجَيِّدَ إِلى الآن!». تِلْكَ كَانَتْ أُولَى آيَاتِ يَسُوع، صَنَعَهَا في قَانَا الجَلِيل، فَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، وآمَنَ بِهِ تَلامِيذُهُ.
يسوع، في آية عرس قانا، أظهر مجده لتلاميذه، فآمنوا به مسيحًا، يدفق عن يده الخير والفرح، ويحلّ محلّ الأعياد اليهوديّة والمنّ وماء التطهير عند اليهود، وهذا دليل على جوهر هويّته الإلهيّة. بحضوره تفقد الشريعة القديمة معناها، لتكتسب به معنى جديدًا. ومريم أم يسوع هي أبدًا في رفقة ابنها وتلاميذه والكنيسة، وهي حوّاء المرأة الجديدة، أمّ جميع المؤمنين. والخمرة الجيّدة رمز إلى الفرح العظيم المسيحانيّ، وإلى تعليم يسوع الجديد، وإلى كأس دمه الإفخرستيّ. والتعبير «اليوم الثالث» في الكنيسة الأولى تعبير خاص بقيامة الربّ يسوع من بين الأموات: وهكذا يكون عرس قانا الجليل، في أحد مدخل الصوم، بدء مسيرة صيام وتوبة وفرح، تقودنا إلى أسبوع الآلام ومجد القيامة.
في اليَوْمِ الثَّالِث، كَانَ عُرْسٌ في قَانَا الجَلِيل، وكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاك. ودُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وتَلامِيذُهُ إِلى العُرْس. ونَفَدَ الخَمْر، فَقَالَتْ لِيَسُوعَ أُمُّهُ: «لَيْسَ لَدَيْهِم خَمْر». فَقَالَ لَهَا يَسُوع: «مَا لِي ولَكِ، يَا ٱمْرَأَة؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْد!». فقَالَتْ أُمُّهُ لِلْخَدَم: «مَهْمَا يَقُلْ لَكُم فَٱفْعَلُوه!». وكَانَ هُنَاكَ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حَجَر، مُعَدَّةٌ لِتَطْهيِر اليَهُود، يَسَعُ كُلٌّ مِنْهَا مِنْ ثَمَانِينَ إِلى مِئَةٍ وعِشْرينَ لِيترًا، فقَالَ يَسُوعُ لِلْخَدَم: «إِملأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلى فَوْق. قَالَ لَهُم: «إِسْتَقُوا الآنَ، وقَدِّمُوا لِرَئِيسِ الوَلِيمَة». فَقَدَّمُوا. وذَاقَ الرَّئِيسُ المَاءَ، الَّذي صَارَ خَمْرًا - وكانَ لا يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ، والخَدَمُ الَّذينَ ٱسْتَقَوا يَعْلَمُون - فَدَعَا إِلَيْهِ العَرِيسَ وقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ يُقَدِّمُ الخَمْرَ الجَيِّدَ أَوَّلاً، حَتَّى إِذَا سَكِرَ المَدعُوُّون، قَدَّمَ الأَقَلَّ جُودَة، أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الخَمْرَ الجَيِّدَ إِلى الآن!». تِلْكَ كَانَتْ أُولَى آيَاتِ يَسُوع، صَنَعَهَا في قَانَا الجَلِيل، فَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، وآمَنَ بِهِ تَلامِيذُهُ.
النصوص مأخوذة من الترجمة الليتُرجيّة المارونيّة - إعداد اللجنة الكتابيّة التابعة للجنة الشؤون الليتورجيّة البطريركيّة المارونيّة (طبعة ثانية – 2007) والشروحات مأخوذة من كتاب الإنجيل الطقسيّ (بكركي-2005).