ثلاثاء الآلام
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل تسالونيقي 2 : 13 - 17
بعد فعل الشكران، فيه يصف الرسول قبول البشرى في كنيسة تسالونيكي، ينتقل فجأة إلى حكم قاسٍ جدًّا على إخوته اليهود في أورشليم، وقد كان هو قبلاً منهم ومثلهم، ولكنّهم بدل أن يتوبوا مثله، راحوا بالعكس يضطهدونه بعنف، هو ورفاقه، كما اضطهدوا يسوع وقتلوه، وكما اضطهد آباؤهم الأنبياء من قبل وقتلوهم!
يا إخوَتِي، نَحْنُ أَيضًا نَشكُرُ اللهَ بغيرِ ٱنْقِطَاع، لأَنَّكُم لَمَّا تَلَقَّيْتُم كَلِمَةَ الله الَّتي سَمِعْتُمُوهَا مِنَّا، قَبِلْتُمُوهَا لا بِأَنَّهَا كَلِمَةُ بَشَر، بَلْ بِأَنَّهَا حَقًّا كَلِمَةُ الله. وإِنَّهَا لَفَاعِلَةٌ فيكُم، أَيُّهَا المُؤْمِنُون. فأَنْتُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، قَدِ ٱقْتَدَيْتُم بِكَنَائِسِ اللهِ في المَسِيحِ يَسُوع، الَّتي هِيَ في اليَهُودِيَّة، لأَنَّكُمُ ٱحْتَمَلْتُم أَنْتُم أَيْضًا مِنْ بَنِي أُمَّتِكُم، ما ٱحْتَمَلُوهُ هُم مِنَ اليَهُود، الَّذِينَ قَتَلُوا الرَّبَّ يَسُوع، والأَنْبِيَاء، وٱضْطَهَدُونَا نَحْنُ أَيْضًا، وهُم لا يُرْضُونَ الله، ويُعادُونَ كُلَّ النَّاس، ويَمْنَعُونَنَا مِنْ أَنْ نُكَلِّمَ الأُمَمَ فَيَنَالُوا الخَلاص، وبِذلِكَ يُطَفِّحُونَ على الدَّوامِ كَيْلَ آثَامِهِم. لَقَدْ حَلَّ الغَضَبُ عَلَيْهِم إِلى النِّهَايَة. أَمَّا نَحْنُ، أَيُّهَا الإِخْوَة، فَمَا إِنْ تَيَتَّمْنَا مِنْكُم مُدَّةَ سَاعَة، بِالوَجْهِ لا بِالقَلْب، حَتَّى بَذَلْنَا جَهْدًا شَدِيدًا، وَبِشَوقٍ كَبير، لِنَرى وَجْهَكُم.
بعد فعل الشكران، فيه يصف الرسول قبول البشرى في كنيسة تسالونيكي، ينتقل فجأة إلى حكم قاسٍ جدًّا على إخوته اليهود في أورشليم، وقد كان هو قبلاً منهم ومثلهم، ولكنّهم بدل أن يتوبوا مثله، راحوا بالعكس يضطهدونه بعنف، هو ورفاقه، كما اضطهدوا يسوع وقتلوه، وكما اضطهد آباؤهم الأنبياء من قبل وقتلوهم!
يا إخوَتِي، نَحْنُ أَيضًا نَشكُرُ اللهَ بغيرِ ٱنْقِطَاع، لأَنَّكُم لَمَّا تَلَقَّيْتُم كَلِمَةَ الله الَّتي سَمِعْتُمُوهَا مِنَّا، قَبِلْتُمُوهَا لا بِأَنَّهَا كَلِمَةُ بَشَر، بَلْ بِأَنَّهَا حَقًّا كَلِمَةُ الله. وإِنَّهَا لَفَاعِلَةٌ فيكُم، أَيُّهَا المُؤْمِنُون. فأَنْتُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، قَدِ ٱقْتَدَيْتُم بِكَنَائِسِ اللهِ في المَسِيحِ يَسُوع، الَّتي هِيَ في اليَهُودِيَّة، لأَنَّكُمُ ٱحْتَمَلْتُم أَنْتُم أَيْضًا مِنْ بَنِي أُمَّتِكُم، ما ٱحْتَمَلُوهُ هُم مِنَ اليَهُود، الَّذِينَ قَتَلُوا الرَّبَّ يَسُوع، والأَنْبِيَاء، وٱضْطَهَدُونَا نَحْنُ أَيْضًا، وهُم لا يُرْضُونَ الله، ويُعادُونَ كُلَّ النَّاس، ويَمْنَعُونَنَا مِنْ أَنْ نُكَلِّمَ الأُمَمَ فَيَنَالُوا الخَلاص، وبِذلِكَ يُطَفِّحُونَ على الدَّوامِ كَيْلَ آثَامِهِم. لَقَدْ حَلَّ الغَضَبُ عَلَيْهِم إِلى النِّهَايَة. أَمَّا نَحْنُ، أَيُّهَا الإِخْوَة، فَمَا إِنْ تَيَتَّمْنَا مِنْكُم مُدَّةَ سَاعَة، بِالوَجْهِ لا بِالقَلْب، حَتَّى بَذَلْنَا جَهْدًا شَدِيدًا، وَبِشَوقٍ كَبير، لِنَرى وَجْهَكُم.
إنجيل القدّيس لوقا 13 : 22 - 30
هنا مرحلة جديدة، في إنجيل لوقا، ل«مسيرة يسوع»، من الجليل إلى أورشليم، حيث يتمّ موته وقيامته. ولقد جمع لوقا تعاليم عدّة ليسوع في موضوع الدخول إلى ملكوت الله. يشبّه يسوع ملكوت الله بوليمة مسيحانيّة، يشترك فيها الآباء والأنبياء والأبرار والمؤمنون بالمسيح من كلّ شعوب الأرض، والويل لمن لا يجتهد في أن يدخل من الباب الضيّق، ويبقى في الخارج حيث البكاء وصريف الأسنان!
كَانَ يَسُوعُ يَجْتَازُ في المُدُنِ وَالقُرَى، وَهُوَ يُعَلِّم، قَاصِدًا في طَريقِهِ أُورَشَلِيم. فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُم: «يا سَيِّد، أَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذينَ يَخْلُصُون؟». فَقَالَ لَهُم: «إِجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ البَابِ الضَّيِّق. أَقُولُ لَكُم: إِنَّ كَثِيرينَ سَيَطْلُبُونَ الدُّخُولَ فَلا يَقْدِرُون. وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ رَبُّ البَيْتِ قَدْ قَامَ وَأَغْلَقَ البَاب، وَبدَأْتُم تَقِفُونَ خَارِجًا وَتَقْرَعُونَ البَابَ قَائِلين: يَا رَبّ، ٱفتَحْ لَنَا! فَيُجِيبُكُم وَيَقُول: إِنِّي لا أَعْرِفُكُم مِنْ أَيْنَ أَنْتُم! حِينَئِذٍ تَبْدَأُونَ تَقُولُون: لَقَد أَكَلْنَا أَمَامَكَ وَشَرِبْنا، وَعَلَّمْتَ في سَاحَاتِنا! فَيَقُولُ لَكُم: إِنِّي لا أَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَنْتُم! أُبْعُدُوا عَنِّي، يَا جَمِيعَ فَاعِلِي الإِثْم! هُنَاكَ يَكُونُ البُكاءُ وَصَرِيفُ الأَسْنَان، حِينَ تَرَوْنَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسحقَ وَيَعْقُوبَ وَجَميعَ الأَنْبِياءِ في مَلَكُوتِ الله، وَأَنْتُم مَطْرُوحُونَ خَارِجًا. وَيَأْتُونَ مِنَ المَشَارِقِ وَالمَغَارِب، وَمِنَ الشَّمَالِ وَالجَنُوب، وَيَتَّكِئُونَ في مَلَكُوتِ الله. وَهُوَذَا آخِرُونَ يَصِيرُونَ أَوَّلِين، وَأَوَّلُونَ يَصِيرُونَ آخِرِين».
هنا مرحلة جديدة، في إنجيل لوقا، ل«مسيرة يسوع»، من الجليل إلى أورشليم، حيث يتمّ موته وقيامته. ولقد جمع لوقا تعاليم عدّة ليسوع في موضوع الدخول إلى ملكوت الله. يشبّه يسوع ملكوت الله بوليمة مسيحانيّة، يشترك فيها الآباء والأنبياء والأبرار والمؤمنون بالمسيح من كلّ شعوب الأرض، والويل لمن لا يجتهد في أن يدخل من الباب الضيّق، ويبقى في الخارج حيث البكاء وصريف الأسنان!
كَانَ يَسُوعُ يَجْتَازُ في المُدُنِ وَالقُرَى، وَهُوَ يُعَلِّم، قَاصِدًا في طَريقِهِ أُورَشَلِيم. فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُم: «يا سَيِّد، أَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذينَ يَخْلُصُون؟». فَقَالَ لَهُم: «إِجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ البَابِ الضَّيِّق. أَقُولُ لَكُم: إِنَّ كَثِيرينَ سَيَطْلُبُونَ الدُّخُولَ فَلا يَقْدِرُون. وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ رَبُّ البَيْتِ قَدْ قَامَ وَأَغْلَقَ البَاب، وَبدَأْتُم تَقِفُونَ خَارِجًا وَتَقْرَعُونَ البَابَ قَائِلين: يَا رَبّ، ٱفتَحْ لَنَا! فَيُجِيبُكُم وَيَقُول: إِنِّي لا أَعْرِفُكُم مِنْ أَيْنَ أَنْتُم! حِينَئِذٍ تَبْدَأُونَ تَقُولُون: لَقَد أَكَلْنَا أَمَامَكَ وَشَرِبْنا، وَعَلَّمْتَ في سَاحَاتِنا! فَيَقُولُ لَكُم: إِنِّي لا أَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَنْتُم! أُبْعُدُوا عَنِّي، يَا جَمِيعَ فَاعِلِي الإِثْم! هُنَاكَ يَكُونُ البُكاءُ وَصَرِيفُ الأَسْنَان، حِينَ تَرَوْنَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسحقَ وَيَعْقُوبَ وَجَميعَ الأَنْبِياءِ في مَلَكُوتِ الله، وَأَنْتُم مَطْرُوحُونَ خَارِجًا. وَيَأْتُونَ مِنَ المَشَارِقِ وَالمَغَارِب، وَمِنَ الشَّمَالِ وَالجَنُوب، وَيَتَّكِئُونَ في مَلَكُوتِ الله. وَهُوَذَا آخِرُونَ يَصِيرُونَ أَوَّلِين، وَأَوَّلُونَ يَصِيرُونَ آخِرِين».
تأمّل في إنجيل ثلاثاء الآلام
الخوري جان مارون الحلو
يُخبِرُنا إنجيلُ يوم ِالثلاثاء من الأسبوعِ العظيمِ عن موضوعٍ أساسيٍّ، البابِ الضّيّقِ، والربُّ يدعونا للدّخولِ منه. ماذا يعني هذا؟
معنى الباب الضيق يكمُن في أنّنا عندما ندخلُ منه، فإنّه لا يُمكننا أخذ الكثيرِ من الأشياء معنا. فبالكادِ نحنُ نمُرُّ. من حيثُ المبدأ، مِنَ المُفترَضِ أنّه خِلالَ مَسيرةِ صَومِنا الأربعينيّ، وحتّى نقدرَ أنْ ندخلَ من هذا البابِ الضّيّق، يجب أن نكونَ حقيقةً قد تواضَعنْا أمام الرّبِّ، وتحرّرنا من أمورٍ كثيرةٍ، خارجيّةٍ، أمورٍ نتعلّقُ بها، نُحبُّها ونتمسّكُ بها؛ وأخرى داخليّةٍ . قد يُساعدُنا في هذا الوضعٍ العام ِالحاليّ (في لبنانَ خاصّةً)، كَونَنا لم نعُدْ قادرينَ اليومَ على الحُصولِ على الكثيرِ من المُقتنياتِ. من منظارٍ روحيٍّ، فهذا أمرٌ جيّدٌ، لأنّه من المُمكِنِ أن يُعطيَ ثمَرًا. ما هو هذا الثّمَرُ؟ هو أنْ أصيرَ أرضًا خَصبةً تُزرَعُ فيها كلمةُ الرّبِّ وتثمِرَ.
يُخبِرُ يسوعَ عنْ أُناسٍ يقولون له، نحن أكلْنا وشرِبْنا أمامَكَ، وأنتَ علّمْتَ في أسواقِنا... كأنّهم يقولون له [اليوم]، نحن اشترَكْنـا في القُدّاسِ، وتَناوَلنا (أكلْنا) جسَدَكَ، وسمِعنا كلمَتَكَ. لكنْ، هناك مشكلةُ! المشكلةُ أنّنا لا نعرِفُه! ربّما قُمنا بهذه الأمورِ لأنّنا تربّينا على ذلك، وهذا ما اعتدْنا عليه. جوابُ الرّبِّ كان واضحًا، قال لهم: "لا أعرِفُكُم".
يدعونا يسوع اليوم، في هذا الأسبوع بالذّاتِ، نحن المُتعبَين والحَزانى، أن نتعرّفَ إليه. أن نسمحَ له بأنْ يَعرِفَنا. بأيّ معنىً أنْ يعرِفَنا؟ فهو أساسًا يعرفُنا! بمعنى أنْ نفتحَ له قلوبَنا ليَعرفَنا منَ الدّاخل. ليَعرف رَغبةَ قلوبِنا، لنُؤمِنَ به، لِنُحبّه، لنَقبلَ غُفرانَه، لنسمحَ له بِتَحريرِنا بغفران خطايانا، ليداوي جروحنا، وَلْيدعونا للّقاء به. وأجملُ لقاءٍ يكونُ بِتناوُلِ جسدِه ِودمِه. ولكنْ لِيَكن هذا التّناوُلُ مرتبطًا بفِعلِ إيمانٍ، بفِعلِ مَعرِفةٍ روحيّةٍ له. أيْ أنّني أعلمُ تمامًا أنّي أتناولُ جسَدَ ودمَ الربِّ! وإنّي أدخُل ُمعه بشَرِكة ٍوعلاقةِ محبّةٍ عميقةٍ. وأيضًا، أنْ أذهبَ للإعترافِ، لأفتحَ له قلبي وأؤمِنَ بغُفرانِه وأتوبَ منْ كلِّ قلبي.
الدّعوة ُلنا هذا الأسبوع لتكونَ صلاتُنا بأن نسعى كلُّنا لنتعرّفَ إلى المسيحِ، ولْنَسمحَ له بأنْ يَعرِفَنا، يغفرَ لنا، يُداوينا، ويَشفينا. آمين.
معنى الباب الضيق يكمُن في أنّنا عندما ندخلُ منه، فإنّه لا يُمكننا أخذ الكثيرِ من الأشياء معنا. فبالكادِ نحنُ نمُرُّ. من حيثُ المبدأ، مِنَ المُفترَضِ أنّه خِلالَ مَسيرةِ صَومِنا الأربعينيّ، وحتّى نقدرَ أنْ ندخلَ من هذا البابِ الضّيّق، يجب أن نكونَ حقيقةً قد تواضَعنْا أمام الرّبِّ، وتحرّرنا من أمورٍ كثيرةٍ، خارجيّةٍ، أمورٍ نتعلّقُ بها، نُحبُّها ونتمسّكُ بها؛ وأخرى داخليّةٍ . قد يُساعدُنا في هذا الوضعٍ العام ِالحاليّ (في لبنانَ خاصّةً)، كَونَنا لم نعُدْ قادرينَ اليومَ على الحُصولِ على الكثيرِ من المُقتنياتِ. من منظارٍ روحيٍّ، فهذا أمرٌ جيّدٌ، لأنّه من المُمكِنِ أن يُعطيَ ثمَرًا. ما هو هذا الثّمَرُ؟ هو أنْ أصيرَ أرضًا خَصبةً تُزرَعُ فيها كلمةُ الرّبِّ وتثمِرَ.
يُخبِرُ يسوعَ عنْ أُناسٍ يقولون له، نحن أكلْنا وشرِبْنا أمامَكَ، وأنتَ علّمْتَ في أسواقِنا... كأنّهم يقولون له [اليوم]، نحن اشترَكْنـا في القُدّاسِ، وتَناوَلنا (أكلْنا) جسَدَكَ، وسمِعنا كلمَتَكَ. لكنْ، هناك مشكلةُ! المشكلةُ أنّنا لا نعرِفُه! ربّما قُمنا بهذه الأمورِ لأنّنا تربّينا على ذلك، وهذا ما اعتدْنا عليه. جوابُ الرّبِّ كان واضحًا، قال لهم: "لا أعرِفُكُم".
يدعونا يسوع اليوم، في هذا الأسبوع بالذّاتِ، نحن المُتعبَين والحَزانى، أن نتعرّفَ إليه. أن نسمحَ له بأنْ يَعرِفَنا. بأيّ معنىً أنْ يعرِفَنا؟ فهو أساسًا يعرفُنا! بمعنى أنْ نفتحَ له قلوبَنا ليَعرفَنا منَ الدّاخل. ليَعرف رَغبةَ قلوبِنا، لنُؤمِنَ به، لِنُحبّه، لنَقبلَ غُفرانَه، لنسمحَ له بِتَحريرِنا بغفران خطايانا، ليداوي جروحنا، وَلْيدعونا للّقاء به. وأجملُ لقاءٍ يكونُ بِتناوُلِ جسدِه ِودمِه. ولكنْ لِيَكن هذا التّناوُلُ مرتبطًا بفِعلِ إيمانٍ، بفِعلِ مَعرِفةٍ روحيّةٍ له. أيْ أنّني أعلمُ تمامًا أنّي أتناولُ جسَدَ ودمَ الربِّ! وإنّي أدخُل ُمعه بشَرِكة ٍوعلاقةِ محبّةٍ عميقةٍ. وأيضًا، أنْ أذهبَ للإعترافِ، لأفتحَ له قلبي وأؤمِنَ بغُفرانِه وأتوبَ منْ كلِّ قلبي.
الدّعوة ُلنا هذا الأسبوع لتكونَ صلاتُنا بأن نسعى كلُّنا لنتعرّفَ إلى المسيحِ، ولْنَسمحَ له بأنْ يَعرِفَنا، يغفرَ لنا، يُداوينا، ويَشفينا. آمين.
على الصّليب جملةٌ واحدةٌ فقط: "هذا مَلِكُ اليَهود" (لوقا 23، 38). هذا هو لقبُ يسوع: مَلِك. . ولكن عندما ننظر إلى يسوع، ينقلبُ مفهومُنا عن المَلِك. لنحاول أن نتخيّلَ ملكًا في ذهننا: سنفكّر في رجلٍ قويّ يجلس على عرشٍ، تبدو عليه علاماتُ العِزّةِ، صولجان بين يديه وخواتم متلألئة في أصابعه، وينطِق بكلماتٍ مَهيبةٍ لرعاياه. هذه هي، تقريبًا، الصّورة التي لدينا في رؤوسِنا. لكن إن نظرنا إلى يسوع، نجدُ العكسَ تمامًا. فهو ليس مُرتاحاً على عرشٍ، بل مُعلّقاً على خشبة. الإله الذي "حَطَّ الأَقوِياءَ عنِ العُروش" (لوقا 1، 52) صار عبداً حَكَم عليه الأقوياءُ بالموت. مُزيّناً بالمسامير وبالأشواك، مُعرّىً من كلّ شيءٍ، لكنّه غنيّ بالمحبّة. مِن عرش الصّليب لم يَعُدْ يُعلّم الجموع بكلامه؛ ولم يَعُدْ يرفع يدَه كمُعلّمٍ، لكنّه يفعل ما هو أكثر: لا يُشِيرْ بإصبع الاتهام إلى أحد، بل يفتح ذراعيه للجميع. إنّه يُظهِرُ نفسه كمَلِكِـنا هكذا: بذراعَين مفتوحتَين. فقط بقبولنا مُعانقتَه سنفهم: سنفهم أنّ الله ذهب حتّى هذا الحدّ، حتّى تناقض الصّليب، ليعانقَ كلَّ واحدٍ مِنّا، مهما كُنّا بعيدينَ عنه: هو يُعانقُ موتَنا، وآلامَنا، وفقرَنا، وضعفَنا وبُؤسَنا. لقدعانقَها كلَّها. صار عبداً ليصيرَ كلُّ واحدٍ مِنّا ابناً: بصيرورته عبداً دفع ثمن بُنوّتنا. البابا فرنسيس