أحد تذكار الموتى المؤمنين
بعد تذكار الموتى الأحبار والكهنة، والأبرار والصدّيقين، تذكر البيعة في هذا الأُحد (والأسبوع)، جميع أبنائها الموتى المؤمنين الباقين، الّذين انتقلوا منها إلى الله، مزوّدين بالصليب والعماد والقربان، على رجاء الحياة الأبديّة. وتذكّرنا بالحقائق الأساسيّة المرتبطة بالحياة والموت على ضوء إيمانها.
القراءة: سفر حزقيال 37 : 1 - 10
وكانَت عليَّ يَدُ الرّبِّ فأخرَجني برُوحِ الرّبِّ ووضعَني في وسَطِ السَّهْلِ وهوَ مُمتلِـئٌ عِظامًا، وأمَرَّني علَيهَا مِن حَولِها، فإذا هيَ كثيرةٌ جدًّا على وجهِ السَّهلْ، وإذا بِها يابسةٌ جدًا. فقالَ لي: «يا ٱبنَ الإنْسان، أتُرى تَحيا هذِهِ العِظام؟» فقُلتُ: «أيَّها السَّيِّدُ الرّبُّ، أنتَ تعلَمُ». فقالَ لي: «تنبَّأْ على هذِهِ العِظامِ وقُلْ لها: أيَّتُها العِظامُ اليابسةُ إِسمعي كلِمةَ الرّبِّ. هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ لهذِهِ العِظامِ: هاءَنَذا أُدخِلُ فيكِ روحًا فتَحيـينَ. أجعَلُ علَيكِ عصَبا وأنشِئُ عليكِ لَحما وأبسُطُ علَيكِ جِلدا وأجعَلُ فيكِ روحًا فتحيَينَ وتعلمينَ أنِّي أنا الرّبُّ». فتنبَّأتُ كما أُمِرتُ. فكان صوتٌ عند تَنَبُّؤي، وإذ بٱرتعاش، فتـقاربت العِظامُ كُلُّ عَظْمٍ إلى عَظْمهٍ. ونظَرتُ فإذا بالعَصبَ واللَّحمَ قد نشأا علَيها، وبُسِطَ عَليها الجِلدَ من فَوق ولم يَكُن بها روح. فقالَ الرّبُّ لي: «تنبَّأْ للرُّوحِ، تنبَّأْ يا ٱبنَ الإنسان وقُلْ للرُّوحِ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ: هَلُّم أيَّها الرُّوحُ مِنَ الرِّياحِ الأَربعِ، وهُبَّ في هؤلاءِ المَقْتُولِين فيَحيَوا». فتنبَّأتُ كما أمرَني، فدخَلَ فيهِمِ الرُّوحُ، فعاشُوا وقاموا على أقدامِهِم جيشًا عظيمًا جدًّا جدًّا.
الرسالة: رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل تسالونيقي 5 : 1 – 11
أَمَّا الأَزْمِنَةُ والأَوقَات، أَيُّهَا الإِخْوَة، فلا حَاجَةَ بِكُم أَنْ يُكْتَبَ إِلَيْكُم في شَأْنِهَا؛ لأَنَّكُم تَعْلَمُونَ جَيِّدًا أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ يأْتي كَالسَّارِقِ لَيْلاً. فحِينَ يَقُولُون: سَلامٌ وأَمْنٌ! حِينَئِذٍ يَدْهَمُهُمُ الهَلاكُ دَهْمَ الْمَخَاضِ لِلحُبْلى، ولا يُفْلِتُون. أَمَّا أَنْتُم، أَيُّها الإِخْوَة، فَلَسْتُم في ظُلْمَةٍ لِيُفَاجِئَكُم ذلِكَ اليَومُ كالسَّارِق. فأَنْتُم كُلُّكُم أَبْنَاءُ النُّور، وأَبْنَاءُ النَّهَار؛ ولَسْنَا أَبْنَاءَ اللَّيلِ ولا أَبْنَاءَ الظُّلْمَة. إِذًا فلا نَنَمْ كَسَائِر النَّاس، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ؛ لأَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ فَفي اللَّيلِ يَنَامُون، والَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَفي اللَّيلِ يَسْكَرُون. أَمَّا نَحْنُ أَبْنَاءَ النَّهَار، فَلْنَصْحُ لابِسِينَ دِرْعَ الإِيْمَانِ والمَحَبَّة، ووَاضِعِينَ خُوذَةَ رَجَاءِ الخَلاص. فإِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلغَضَب، بَلْ لإِحْرَازِ الخَلاصِ بَرَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيح، الَّذي مَاتَ مِنْ أَجْلِنَا، لِنَحْيَا مَعَهُ سَاهِرِينَ كُنَّا أَمْ نِائِمِين. فَلِذلِكَ شَجِّعُوا بَعضُكُم بَعْضًا، وَلْيَبْنِ الوَاحِدُ الآخَر، كَمَا أَنْتُم فَاعِلُون.
هذا أوّل تعبير مكتوب عن إيمان الكنيسة الأولى ونظرتها إلى حقيقة الموت، في أولى رسائل القدّيس بولس، وأقدم كتب العهد الجديد. لقد سبق الرسول فشجّع مؤمني تسالونيكي، بأنّ يسوع الذي مات وقام سوف يأتي ليدين الأحياء والأموات ويخلّص جميع المؤمنين به. وهنا يتابع تحريضهم على السهر حتّى مجيء الربّ، لأنّ الربّ يسوع لم يحدّد زمن مجيئه. لكنّه أوصى بالسهر والاستعداد له، لئلا بفاجئهم كالسارق ليلاً، أو كالمخاض للحبلى. ويحذّر الّذين كانوا يترقّبون مجيء الربّ سريعًا، مشدّدًا على الفضائل الإلهيّة الثلاث، الّتي تختصر الحياة المسيحيّة وتميّز حياة المؤمن كلّها، فيعيشها في انتظار مُفرح لمجيء الربّ، لكي يحيا مع الربّ إلى الأبد. وحياتنا المسيحيّة على الأرض إنّما هي النواة والبدء للحياة الأبديّة والشركة الكاملة مع المسيح الظافر على الشرّ والألم والموت إلى الأبد.
الإنجيل: إنجيل القدّيس لوقا 16 : 19 - 31
قالَ الربُّ يَسوع: «كَانَ رَجُلٌ غَنِيٌّ يَلْبَسُ الأُرْجُوانَ وَالكَتَّانَ النَّاعِم، وَيَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ بِأَفْخَرِ الوَلائِم. وكانَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ ٱسْمُهُ لَعَازَرُ مَطْرُوحًا عِنْدَ بَابِهِ، تَكْسُوهُ القُرُوح. وكانَ يَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الفُتَاتِ المُتَسَاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الغَنِيّ، غَيْرَ أَنَّ الكِلابَ كَانَتْ تَأْتِي فَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. وَمَاتَ المِسْكينُ فَحَمَلَتْهُ ٱلمَلائِكَةُ إِلى حِضْنِ إِبْرَاهِيم. ثُمَّ مَاتَ الغَنِيُّ وَدُفِن. وَرَفَعَ الغَنِيُّ عيْنَيْه، وَهُوَ في الجَحِيمِ يُقَاسِي العَذَاب، فَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيد، وَلَعَازَرَ في حِضْنِهِ. فَنَادَى وقَال: يا أَبَتِ إِبْرَاهِيم، إِرْحَمْنِي وَأَرْسِلْ لَعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُتَوَجِّعٌ في هذَا اللَّهِيب. فَقالَ إِبْرَاهِيم: يا ٱبْنِي، تَذَكَّرْ أَنَّكَ نِلْتَ خَيْراتِكَ في حَيَاتِكَ، وَلَعَازَرُ نَالَ البَلايَا. والآنَ هُوَ يَتَعَزَّى هُنَا، وأَنْتَ تَتَوَجَّع. وَمَعَ هذَا كُلِّهِ، فَإِنَّ بَيْنَنا وَبَيْنَكُم هُوَّةً عَظِيمَةً ثَابِتَة، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْتَازُوا مِنْ هُنا إِلَيْكُم لا يَسْتَطْيعُون، ولا مِنْ هُناكَ أَنْ يَعْبُرُوا إِلَيْنا. فَقَالَ الغَنِيّ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَ لَعَازَرَ إِلَى بَيْتِ أَبي، فإنَّ لي خَمْسَةَ إِخْوة، لِيَشْهَدَ لَهُم، كَي لا يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلى مَكَانِ العَذَابِ هذَا. فقَالَ إِبْرَاهِيم: عِنْدَهُم مُوسَى وَالأَنْبِياء، فَلْيَسْمَعُوا لَهُم. فَقال: لا، يَا أَبَتِ إِبْرَاهِيم، ولكِنْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِم وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُون. فقالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: إِنْ كانُوا لا يَسْمَعُونَ لِمُوسَى وَالأَنْبِيَاء، فَإِنَّهُم، وَلَو قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَات، لَنْ يَقْتَنِعُوا!».
مثل الغنيّ ولعازر خاصّ بلوقا، فيه خير تفسير لما علّم يسوع في خطر الغنى على الإنسان؛ فهو ربّ ثانٍ، وباب هلاك أبديّ! لا يحرّم يسوع الغنى بل يحذّر منه. وخطيئة الغنيّ هي أنّه لم يُشرك الفقير في غناه. وفي المثل فكرتان أساسيّتان: الأولى هي أنّ تقرير مصير الإنسان النُهْيَوِيّ يتمّ حالاً بعد موته؛ والثانية هي التوبة، لا بواسطة معجزة، كأن يعود مائت لينذرنا، بل بالإيمان بما علّم الأنبياء والرسل في الكتب المقدّسة، وهو مختصر تعليم الكنيسة المقدّسة. والأمثولة اللاهوتيّة هي أن الحياة في العالم الثاني تُصبح نقيض الحياة في عالمنا، عندما لا نجعل من حياتنا اليوم صورة للعالم الثاني!
وكانَت عليَّ يَدُ الرّبِّ فأخرَجني برُوحِ الرّبِّ ووضعَني في وسَطِ السَّهْلِ وهوَ مُمتلِـئٌ عِظامًا، وأمَرَّني علَيهَا مِن حَولِها، فإذا هيَ كثيرةٌ جدًّا على وجهِ السَّهلْ، وإذا بِها يابسةٌ جدًا. فقالَ لي: «يا ٱبنَ الإنْسان، أتُرى تَحيا هذِهِ العِظام؟» فقُلتُ: «أيَّها السَّيِّدُ الرّبُّ، أنتَ تعلَمُ». فقالَ لي: «تنبَّأْ على هذِهِ العِظامِ وقُلْ لها: أيَّتُها العِظامُ اليابسةُ إِسمعي كلِمةَ الرّبِّ. هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ لهذِهِ العِظامِ: هاءَنَذا أُدخِلُ فيكِ روحًا فتَحيـينَ. أجعَلُ علَيكِ عصَبا وأنشِئُ عليكِ لَحما وأبسُطُ علَيكِ جِلدا وأجعَلُ فيكِ روحًا فتحيَينَ وتعلمينَ أنِّي أنا الرّبُّ». فتنبَّأتُ كما أُمِرتُ. فكان صوتٌ عند تَنَبُّؤي، وإذ بٱرتعاش، فتـقاربت العِظامُ كُلُّ عَظْمٍ إلى عَظْمهٍ. ونظَرتُ فإذا بالعَصبَ واللَّحمَ قد نشأا علَيها، وبُسِطَ عَليها الجِلدَ من فَوق ولم يَكُن بها روح. فقالَ الرّبُّ لي: «تنبَّأْ للرُّوحِ، تنبَّأْ يا ٱبنَ الإنسان وقُلْ للرُّوحِ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ: هَلُّم أيَّها الرُّوحُ مِنَ الرِّياحِ الأَربعِ، وهُبَّ في هؤلاءِ المَقْتُولِين فيَحيَوا». فتنبَّأتُ كما أمرَني، فدخَلَ فيهِمِ الرُّوحُ، فعاشُوا وقاموا على أقدامِهِم جيشًا عظيمًا جدًّا جدًّا.
الرسالة: رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل تسالونيقي 5 : 1 – 11
أَمَّا الأَزْمِنَةُ والأَوقَات، أَيُّهَا الإِخْوَة، فلا حَاجَةَ بِكُم أَنْ يُكْتَبَ إِلَيْكُم في شَأْنِهَا؛ لأَنَّكُم تَعْلَمُونَ جَيِّدًا أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ يأْتي كَالسَّارِقِ لَيْلاً. فحِينَ يَقُولُون: سَلامٌ وأَمْنٌ! حِينَئِذٍ يَدْهَمُهُمُ الهَلاكُ دَهْمَ الْمَخَاضِ لِلحُبْلى، ولا يُفْلِتُون. أَمَّا أَنْتُم، أَيُّها الإِخْوَة، فَلَسْتُم في ظُلْمَةٍ لِيُفَاجِئَكُم ذلِكَ اليَومُ كالسَّارِق. فأَنْتُم كُلُّكُم أَبْنَاءُ النُّور، وأَبْنَاءُ النَّهَار؛ ولَسْنَا أَبْنَاءَ اللَّيلِ ولا أَبْنَاءَ الظُّلْمَة. إِذًا فلا نَنَمْ كَسَائِر النَّاس، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ؛ لأَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ فَفي اللَّيلِ يَنَامُون، والَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَفي اللَّيلِ يَسْكَرُون. أَمَّا نَحْنُ أَبْنَاءَ النَّهَار، فَلْنَصْحُ لابِسِينَ دِرْعَ الإِيْمَانِ والمَحَبَّة، ووَاضِعِينَ خُوذَةَ رَجَاءِ الخَلاص. فإِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلغَضَب، بَلْ لإِحْرَازِ الخَلاصِ بَرَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيح، الَّذي مَاتَ مِنْ أَجْلِنَا، لِنَحْيَا مَعَهُ سَاهِرِينَ كُنَّا أَمْ نِائِمِين. فَلِذلِكَ شَجِّعُوا بَعضُكُم بَعْضًا، وَلْيَبْنِ الوَاحِدُ الآخَر، كَمَا أَنْتُم فَاعِلُون.
هذا أوّل تعبير مكتوب عن إيمان الكنيسة الأولى ونظرتها إلى حقيقة الموت، في أولى رسائل القدّيس بولس، وأقدم كتب العهد الجديد. لقد سبق الرسول فشجّع مؤمني تسالونيكي، بأنّ يسوع الذي مات وقام سوف يأتي ليدين الأحياء والأموات ويخلّص جميع المؤمنين به. وهنا يتابع تحريضهم على السهر حتّى مجيء الربّ، لأنّ الربّ يسوع لم يحدّد زمن مجيئه. لكنّه أوصى بالسهر والاستعداد له، لئلا بفاجئهم كالسارق ليلاً، أو كالمخاض للحبلى. ويحذّر الّذين كانوا يترقّبون مجيء الربّ سريعًا، مشدّدًا على الفضائل الإلهيّة الثلاث، الّتي تختصر الحياة المسيحيّة وتميّز حياة المؤمن كلّها، فيعيشها في انتظار مُفرح لمجيء الربّ، لكي يحيا مع الربّ إلى الأبد. وحياتنا المسيحيّة على الأرض إنّما هي النواة والبدء للحياة الأبديّة والشركة الكاملة مع المسيح الظافر على الشرّ والألم والموت إلى الأبد.
الإنجيل: إنجيل القدّيس لوقا 16 : 19 - 31
قالَ الربُّ يَسوع: «كَانَ رَجُلٌ غَنِيٌّ يَلْبَسُ الأُرْجُوانَ وَالكَتَّانَ النَّاعِم، وَيَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ بِأَفْخَرِ الوَلائِم. وكانَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ ٱسْمُهُ لَعَازَرُ مَطْرُوحًا عِنْدَ بَابِهِ، تَكْسُوهُ القُرُوح. وكانَ يَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الفُتَاتِ المُتَسَاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الغَنِيّ، غَيْرَ أَنَّ الكِلابَ كَانَتْ تَأْتِي فَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. وَمَاتَ المِسْكينُ فَحَمَلَتْهُ ٱلمَلائِكَةُ إِلى حِضْنِ إِبْرَاهِيم. ثُمَّ مَاتَ الغَنِيُّ وَدُفِن. وَرَفَعَ الغَنِيُّ عيْنَيْه، وَهُوَ في الجَحِيمِ يُقَاسِي العَذَاب، فَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيد، وَلَعَازَرَ في حِضْنِهِ. فَنَادَى وقَال: يا أَبَتِ إِبْرَاهِيم، إِرْحَمْنِي وَأَرْسِلْ لَعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَعِهِ بِمَاءٍ وَيُبرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُتَوَجِّعٌ في هذَا اللَّهِيب. فَقالَ إِبْرَاهِيم: يا ٱبْنِي، تَذَكَّرْ أَنَّكَ نِلْتَ خَيْراتِكَ في حَيَاتِكَ، وَلَعَازَرُ نَالَ البَلايَا. والآنَ هُوَ يَتَعَزَّى هُنَا، وأَنْتَ تَتَوَجَّع. وَمَعَ هذَا كُلِّهِ، فَإِنَّ بَيْنَنا وَبَيْنَكُم هُوَّةً عَظِيمَةً ثَابِتَة، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْتَازُوا مِنْ هُنا إِلَيْكُم لا يَسْتَطْيعُون، ولا مِنْ هُناكَ أَنْ يَعْبُرُوا إِلَيْنا. فَقَالَ الغَنِيّ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَ لَعَازَرَ إِلَى بَيْتِ أَبي، فإنَّ لي خَمْسَةَ إِخْوة، لِيَشْهَدَ لَهُم، كَي لا يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلى مَكَانِ العَذَابِ هذَا. فقَالَ إِبْرَاهِيم: عِنْدَهُم مُوسَى وَالأَنْبِياء، فَلْيَسْمَعُوا لَهُم. فَقال: لا، يَا أَبَتِ إِبْرَاهِيم، ولكِنْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِم وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُون. فقالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: إِنْ كانُوا لا يَسْمَعُونَ لِمُوسَى وَالأَنْبِيَاء، فَإِنَّهُم، وَلَو قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَات، لَنْ يَقْتَنِعُوا!».
مثل الغنيّ ولعازر خاصّ بلوقا، فيه خير تفسير لما علّم يسوع في خطر الغنى على الإنسان؛ فهو ربّ ثانٍ، وباب هلاك أبديّ! لا يحرّم يسوع الغنى بل يحذّر منه. وخطيئة الغنيّ هي أنّه لم يُشرك الفقير في غناه. وفي المثل فكرتان أساسيّتان: الأولى هي أنّ تقرير مصير الإنسان النُهْيَوِيّ يتمّ حالاً بعد موته؛ والثانية هي التوبة، لا بواسطة معجزة، كأن يعود مائت لينذرنا، بل بالإيمان بما علّم الأنبياء والرسل في الكتب المقدّسة، وهو مختصر تعليم الكنيسة المقدّسة. والأمثولة اللاهوتيّة هي أن الحياة في العالم الثاني تُصبح نقيض الحياة في عالمنا، عندما لا نجعل من حياتنا اليوم صورة للعالم الثاني!