أبناء الله، لقب أُعطي في العهد القديم للملائكة، ولشعب الله، قُصد به بنوّة التبنّي التي تجعل بين الله وخليقته علاقات ألفة خاصة. لكن فيما يختص بالمسيح المُنتظر، عندما يُوصَف بأنّه "ابن الله" فإنّ ذلك يعني مساواته بالله أو بمعنى آخر هو الله الأتي في الجسد. كان هذا إيمان شعب العهد القديم وفهمه للكتب المُقدّسة، لذلك سَعْوا إلى قَتلِ يسوع لأَنَّهُ قال "إِنّ اللهَ أبُوهُ، مُسَاوياً نَفْسَهُ بالله." (يوحنا 18:5)
وللسبب نفسه طلب اليهود من بيلاطس أن يصلب يسوع قائلين: " لَنا شَريعَة، وبِحَسَبِ هٰذهِ الشَّريعة يَجِبُ علَيه أَن يَموت لأَنَّه جَعَلَ نَفْسَه ٱبنَ الله" (يوحنّا 7:19 )؛ القول الذي زاد من خوف بيلاطس وسعى لإطلاقه، لكنّه رضخ في النهاية لرغبتهم. أَنتَ هوَ المسِيحُ ابنُ اللهِ الحَيِّ!" كان اعتراف بطرس بمن هو يسوع الذي من الناصرة، والذي طوّبه لأجله المسيح قائلاً: "طُوبَى لكَ فما أَعْلَنَ لكَ هذا لحمٌ ودمٌ، بلْ أَبِي الَّذي في السَّمَاوات". (متى 16:16) إنّ لقب ابن الله لا يعني بشكل من الأشكال المعنى الجسدي أو الحرفي ولكن كما يُعلن الوحي المقدّس بوضوح أن يسوع المسيح: "هو صُورَةُ اللهِ الَّذي لا يُرى، وبِكْرُ كُلِّ خَليقَة. ففيه خُلِقَ كُلُّ شَيء مِمَّا في السَّمَواتِ ومِمَّا في الأَرْض، ما يُرى وما لا يُرى ... كُلُّ شَيءٍ خُلِقَ بِه ولَه. هو قَبْلَ كُلِّ شَيء وبِه قِوامُ كُلِّ شَيء... فقَد حَسُنَ لَدى اللهِ أَن يَحِلَّ بِه الكَمالُ كُلُّه. وأَن يُصالِحَ بِه ومِن أَجلِه كُلَّ مَوجود، مِمَّا في الأَرْضِ ومِمَّا في السَّمَوات، وقَد حَقَّقَ السَّلامَ بِدَمِ صَليبِه". (كولوسي 15:1-22) تُقدّم الأناجيل حادثتين هما عِمَاد المسيح وتجلّيه، أتى فيهما صوت الله الآب من السماء مُعلناً: "هذا هو ابني الحَبيب" (متى 3/17 و17/5). ويُعلن المسيح عن نفسه أنّه “ابن الله الوحيد” ويُظهر هويّته ومهمّته أوالقصد من تجسّده حين قال: "لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالمَ حتّى بَذَلَ ابنَهُ الوحيدَ، لكي لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤمنُ به، بل تَكُونُ لهُ الحياةُ الأَبَدِيَّة". (يو 3/16) لقد ميّز يسوع بنوّته من بنوّة تلاميذه فلم يجمع أبداً نفسه مع تلاميذه مُستخدماً تعبير"أبونا"، لكنّه دعاهم أحباء وأصدقاء. ولكن بعد قيامته وإتمام قصد تجسّده أيّ فِداء كلّ من يؤمنون به ومُصالحتهم مع الآب وارجاعهم لرتبة الأبناء التي فُقدت بعصيان آدم الأول، يقول لأوّل مَرّة عندما تراءى لمريم المجدليّة في فجر قيامته: "ٱذهَبي إِلى إِخوَتي، فقولي لَهم إِنِّي صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم…" (يو 20/17) لقد فتح يسوع المسيح باب تبنّي الله للبشر؛ وأعطاهم أن يشاركوه في بنوّته لله التي ظهرت وتأكّدت بقيامته من الأموات إذ كما يقول الرسول بولس عنه: "وجُعِلَ ٱبنَ اللهِ في القُدرَة، بِحَسَبِ روحِ القَداسة، بِقِيامَتِه مِن بينِ الأَموات". (روم1/4). ونستطيع جميعناً، كلّ من نال خلاصه أن نقول مع الرسول يوحنّا: "…ونحنُ رأينَا مَجدَهُ، مَجدَ ابنٍ وحيدٍ عندَ الآب، وهو مُمتَلِىءٌ بالنِّعمَةِ والحَقّ". (يو 1/14) يُعلن الروح القُدس عن ميلاد المسيح في الوحيّ المُقدّس: فيقول بفمّ مُرقس الإنجيلي: " بَدءُ بِشارَةِ يسوعَ المسيحِ ٱبنِ الله. " (مر1/1). ويقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل غلاطية: " فلَمَّا تَمَّ الزَّمان، أَرسَلَ اللهُ ٱبنَه مَولودًا لِٱمرَأَةٍ، مَولودًا في حُكْمِ الشَّريعة لِيَفتَدِيَ الَّذينَ هم في حُكْمِ الشَّريعة، فنَحْظى بِالتَّبَنِّي." (غلا 4/4-5). وكذلك في إنجيل لوقا: " تَبارَكَ الرَّبُّ... أَنَّه ٱفتَقَدَ شَعبَهُ وَٱفتَداه." (لو1/68). لقد أتم ألله الوعود التي قطعها لإبراهيم ونسله (لو 1/55). ويُضيف مُرقس أنّ الله أرسل "ابنه الحَبيب"(مر1/11).
يؤمن ويعترف المسيحيّون بأنّ يسوع الذي من الناصرة، المولود من العذراء، في بيت لحم، في عهد الملك هيرودس الكبير والأمبراطور أوغسطس قيصر الأوّل، والذي مات مصلوباً في أورشليم أثناء حُكم الوالي بنطس بيلاطس، ومُلك الأمبراطور تيباريوس، هو الله الكلمة الأزلي المُتجسّد، وبأنّه خرج من عند الله (يو13/3) ونزل من السماء (يو3/13؛ 6/33) وأتى في الجسد (1يوحنا 2:4). أو كما أعلن الوحيّ من خلال الرسول يوحنّا: " والكَلِمَةُ صارَ بَشَرًا، فسَكَنَ بَينَنا." (يو1/14) بدافع من نعمة الروح القُدس، وبجاذبٍ من الله الآب، يؤمن ويعترف المسيحيّون في شأن يسوع كما قال بطرس: "أنتَ هو المسيح ٱبنُ اللهِ الحَيّ." (متى 16/16) |
أكاديميّة الإنجيلتعمل أكاديميّة الإنجيل على تعميق المعرفة وتعزيز الوعي لمواضيع مرتبطة بعيش الإنجيل بهدف التجدّد الرّوحيّ وتغيير السلوك المسيحيّ من خلال التّطبيق الفعّال والعمليّ، لهذه المعرفة المُكتسَبة، في الحياة اليوميّة. للمزيد إنضم الى قناتنا على يوتيوب اليوم. إضغط هناأرشيف
March 2025
Categories
All
|