الأب حنّا داغر في مسيرة البحث عن ماهيّة الصلاة المسيحيّة وأسسها، يُطرح السؤال: هل تُعتبر الصلاة واجبًا دينيًّا أم حاجة داخليّة؟
المقصود بالواجب الديني الوصيّة أو التقوى أو راحة الضمير، وهو ليس المحور الحقيقي للصلاة. حسب مفهومي للإنسان المخلوق على صورة اللّه والمميّز عن كلّ خلائقه، وكما أرى بإيماني أنّ كلّ خليقة منظورة أو غير منظورة موجودة لخدمة هذا الإنسان، حامل صورة اللّه بتفاصيل كيانه نفسًا وروحًا وجسدًا، باتت الصلاة جوابًا داخليًّا على عطشٍ كيانيٍّ كامنٍ في الإنسان منذ الخلق، لكونه على صورة اللّه. يعطش الإنسان إلى صورته، أي النبع الذي انبثقت حياته منه. من هنا، تأتي الصلاة جوابًا على عطش داخلي لنداء وضعه اللّه بروحه فيَّ، ولن أرتاح إلا إذا غصت في الجواب. لا يكفيني أن آكل وأشرب وأتعلّم وأكون مرتاحًا نفسيًّا في حين يتخبّط كياني بعدم الاستقرار والفراغ؛ هناك فجوة لأنّني لم أُجِب هذا العطش. إذًا، الصلاة هي حاجة كيانيّة ملحّة للعودة إلى الينبوع الذي يدعوني إلى الحياة الأبديّة والقداسة والاتصال بمبدأ كياني، ينبوع حياتي. إنّ الصلاة ليست واجبًا لإرضاء الضمير لأنّ اللّه لا يُحاسبني إذا لم أُصَلِّ. اللّه لا يزيد إذا أنا صلّيتُ ولا ينقص إذا لم أُصَلِّ، لكنّني أنا من يزيد عندما يتّصل بينبوع الحياة ويتقدّس، وأنا من ينقص كيانه إذا لم أتّصل بينبوع الحياة. الصلاة حاجة من أهمّ حاجات الإنسان، أهمّ من العلم والثقافة والمأكل والمشرب والملبس والصحّة الفيزيولوجيّة والنفسيّة. بالتالي، الصحّة الروحيّة هي الأكثر أهمّية إذ تؤكد معنى حياتي المتمثّل في اتّصالي بينبوعها. هذا ما يعطي توازنًا لكلّ أبعاد كياني النفسي والجسدي والإنساني والعاطفي والعملي والثقافي، وإلا فإنّ كلّ هذه الأمور لا معنى لها وتكون خارج الجوهر. الأب حنّا داغر مدير معهد الدراسات اللاهوتيّة والراعويّة في بيروت Comments are closed.
|
أكاديميّة الإنجيلتعمل أكاديميّة الإنجيل على تعميق المعرفة وتعزيز الوعي لمواضيع مرتبطة بعيش الإنجيل بهدف التجدّد الرّوحيّ وتغيير السلوك المسيحيّ من خلال التّطبيق الفعّال والعمليّ، لهذه المعرفة المُكتسَبة، في الحياة اليوميّة. للمزيد إنضم الى قناتنا على يوتيوب اليوم. إضغط هناأرشيف
March 2025
Categories
All
|