مع حُلولِ اثنين الرّماد، ينطلقُ المؤمنون في رحلةٍ روحيّةٍ عميقةٍ في زمَنِ الصّوم الكبيرِ، حيثُ يتّخذون من هذا الزمنِ وسيلةً للتقرّبِ منَ اللهِ وتَنقيةِ القلبِ من كلِّ ما يُعيقُه عنِ النّور الإلهيِّ. اليوم، يُوضَع الرّمادُ على الجِباه، على شكلِ صليبٍ، كَتذكيرٍ بِفَناءِ الجسد وحقيقةِ الوجودِ البشريِّ الذي لا يكتمِل إلّا بالاتحادِ معَ الله: "أذكرْ يا إنسان أنّك منَ التُّراب والى التُّرابِ تعود".
يُعتبَر زمَنُ الصّومِ فترةً روحيّةً مُميّزةً منَ السّنةِ الطّقسيّة، تدعو المؤمنَ إلى التأمّل في حياتِه، وإعادةِ توجيهِها نحو مسيرةِ القداسة. إنّه وقتُ تُفتح فيه القلوبُ لاستقبال النّعمةِ، حيثُ يتخلّى الإنسانُ عنِ الشَّهَواتِ والمَلذّاتِ الزّائلةِ ليُركّزَ على الجوهرِ، على العَلاقة التي تربِطُه بالخالق. فالصّوم ليس مًجرّدَ امتناعٍ عنِ الطّعام، بل هو امتناعٌ عن كلِّ ما يُبعِدُ الرّوحَ عن مسيرتِها الحقيقيّة. إنّه نِداءٌ إلى الصَدَقة والمَغفِرةِ والمُصالحة، حيثُ يُدعى الإنسانُ إلى تخفيفِ ثِقْلِ قلبِه وتحريره منْ قيودِ الأنانيّةِ والكِبرياء. في الصّومِ الأربعينيّ، يعيشُ المؤمنُ أيضًا تجربةَ الجوعِ والعطشِ الّروحيِّ، متذكّرًا بأن "ليس بالخبز وحدَه يحيا الإنسان"، بلْ بكلمةِ الله وعملِه في حياته. فالصّومُ الكبيرُ هو مسيرةُ عُبورٍ منَ العتيقِ إلى الجديد، منَ الانشغالِ بالعالم إلى الاهتمامِ بالأبديّة. ومنْ خلاله، يجدُ المؤمنُ فرصةُ ليُجدِّدَ عهدَه معَ الله، فيصيرُ أكثرَ قُربًا منه عَبرَ الصّوم والصّلاةِ والمحبّةِ الصّادقةِ تِجاهَ القريب. هكذا، يبدأ المؤمنُ هذا الزمنَ المقدّسَ بِنِيَّةٍ صافية وقلبٍ متجدِّد، طالبًا النعمةً والقوّةَ ليُكمِلَ مسيرتَه نحو قيامةِ الرّبِّ يسوع، حيثُ يختبِر فرحَ الانتصارِ الحقيقيِّ، ليس فقط على الخطيئة، بل على كلِّ ما يمنعُه من أنْ يكونَ نورًا يعكِس حضورَالمسيحِ في العالمِ. Comments are closed.
|
أكاديميّة الإنجيلتعمل أكاديميّة الإنجيل على تعميق المعرفة وتعزيز الوعي لمواضيع مرتبطة بعيش الإنجيل بهدف التجدّد الرّوحيّ وتغيير السلوك المسيحيّ من خلال التّطبيق الفعّال والعمليّ، لهذه المعرفة المُكتسَبة، في الحياة اليوميّة. للمزيد إنضم الى قناتنا على يوتيوب اليوم. إضغط هناأرشيف
March 2025
Categories
All
|